نموذج مُجَدَّد لتطوّر سرطان البنكرياس

يمثل سرطان البنكرياس ـ وهو نوع من الأورام شديدة العدوانيّة، التي يصعب دائمًا التنبؤ بها ـ الرأي التقليديّ الخاص بالنموّ التدريجيّ للسرطان. يطرح النموذج الحاليّ لتكوّن الورم ـ المبنِيّ على تحليلات الآفات الأولية، التي تُسمى آفات ورم داخل الظهارة البنكرياسيّة (PanINs) ـ توقّعين: الأول هو أن سرطان البنكرياس ينمو من خلال تتابع محدد من التبادلات الجينيّة (KRAS يليه CDKN2A، ثم TP53 و SMAD4)؛ والثاني أن المسار التطوّري لسرطان البنكرياس هو مسار تدريجيّ، لأن كلّ تبادل يحدث بشكلٍ مستقلّ. ومن عيوب هذا النموذج أن الآفات الأولية المتمددة نسيليًّا لا تنتمي دائمًا إلى سلالة الورم، ما يشير إلى أن المسار التطوريّ لسلالة الورم وللآفات الأولية قد يكون متشعِّبًا. وقد أسهم هذا النموذج السائد لتكوُّن الورم في تبلور الرأي الإكلينيكي القائل إن سرطان البنكرياس يتطوّر ببطء، وتظهر آثاره في مرحلة متأخرة، إلا أن نزوع هذا المرض إلى الانتشار السريع، وعدم قدرة المعالِجين على تحسين نواتج العلاج للمرضى ـ رغم الجهود المبذولة للاكتشاف المبكّر له ـ تشيران إلى أن تطوره لا يحدث بشكل تدريجي. لذا.. باستخدام أدوات معلوماتيّة مطوّرة حديثًا، تتبَّع الباحثون التغيّرات في عدد نسخ الحمض النوويّ، وإعادة الترتيب المصاحبة لها في الجينومات الغنية بالعوامل الورمية؛ ووجدوا أن تكوُّن سرطان البنكرياس لا يحدث تدريجيًّا، ولا يتبع الترتيب المقبول للتطفُّر. وتحمل ثلثا الأورام أنماط إعادة ترتيب معقّدة، مرتبطة بأخطاء في الانقسام الميتوزيّ، تتفق مع التوازن المتقطّع، باعتباره المسار التطوّري الأساسي. وفي مجموعة فرعيّة من الحالات، كانت نتيجة مثل هذه الأخطاء التعطّل المتزامن ـ لا المتتابِع ـ للدوافع الجينيّة قبل الورميّة المتعارف عليها، التي يُرَجَّح إطلاقها للنموّ الاجتياحي للسرطان. وتُعارِض هذه النتائج النموذج الحاليّ لتطوُّر سرطان البنكرياس، كما تقدِّم رؤى واضحة لعمليّات التطفُّر التي تتسبب في نشوء هذه الأورام العدوانيّة.

المصدر